زراعة الأعضاء
د. هيا إبراهيم الجوهر
أنقذت زراعة الأعضاء الكثير من المرضى وأعادت لهم الحياة بإذن الله، ورغم أن أول عملية زراعة ناجحة كانت عام 1905م على يد الطبيب التشيكي (إدوارد زيروم) إلا أن بعض الروايات تشير إلى إجرائها قبل قرون، حين قام الطبيب الصيني (بيان شياو) بعملية تبادل بين قلبين لرجلين ليوازن شخصيتيهما، حيث كان أحدهما قوي الشخصية ضعيف الإرادة والآخر عكسه تماما، وهنا نلاحظ أن فكرة مسؤولية القلب عن الإدراك والشعور والتفكير، وأن عقل الإنسان في قلبه لا في دماغه قديمة جدا وما زالت تثير جدلا حتى يومنا هذا، فمع تزايد عمليات الزراعة لاحظ العلماء ظاهرة غريبة ومحيرة!!
وهي تغير الحالة النفسية للمريض بعد زراعة القلب فتتبدل الأشياء التي يحبها أو يكرهها، كما يحدث تغير في شخصيته وإيمانه ومعتقداته!!
نشرت جريدة الديلي ميل سنة 2008 عن شاب ملحد انتحر بمسدس في رأسه وتمت زراعة قلبه في مريض مؤمن محب للخير، انقلبت حياته رأسا على عقب بعد الزراعة وحين التقى مصادفة بزوجة المتبرع أحس أنه يعرفها منذ زمن ولم يخف مشاعره تجاهها وأنه لا يستطيع العيش بدونها (القلب ما زال يحتفظ بأحاسيسه ومشاعره تجاه الزوجة) وظهرت عليه ملامح الإلحاد التي حاول جاهدا إخفاءها ولكنه لم يستطع وأنهى حياته منتحرا، فكيف انقلب الإيمان وحب الخير في نفسه إلى اليأس والانتحار؟
ولا تقتصر القصص على تأثير زراعة القلب فقط بل تعدته إلى تغير حالة الشخص وطباعة ومعتقداته بعد تغيير دمه بالكامل!! وغيرها مئات الحالات ظهرت عليها تغيرات بعد زراعة الأعضاء المختلفة.
وقف العلم حائرا أمام هذه الظاهرة ومتسائلا عن علاقة القلب بالمشاعر والإدراك وعلاقته بالدماغ، ومن يسيطر على الآخر، فقلب الجنين يخلق قبل دماغه ويبدأ بالنبض دون أن ينتظر الأوامر من الدماغ وهذا ما أثبته العلم باكتشافه أكثر من 40 ألف خلية عصبية في القلب ترسل أوامرها للمخ وجميع أجزاء الجسم من خلال خلايا الدم، كما أن معدتك وأمعاءك بها أكثر من 100 مليار خلية عصبية اسماها الدكتور مايكل غيرشون (الدماغ الثاني) لما لها من تأثير على المزاج والشعور العام ... وحتى جلدك يؤثر في عمل الدماغ، فحك جلدك أو عمل المساج يمنحك شعورا مختلفا ويقلل التوتر.
فزراعة الأعضاء ليست مجرد نقل عضو من شخص إلى آخر بل نقل جزء من ذكرياته ومشاعره وهذا ما أثبته العلم الحديث من أن كل خليه في جسم الإنسان تحمل تاريخ جسده.
قام العلماء بتشريح أدمغة 137 شخصا عبقريا منهم العالم الفرنسي لا فوزيه والفنانان الألمانيان باخ وبيتهوفن وعالمة الرياضيات السويدية سونيا كوفالفسكي ولم يجدوا اختلافا بينها وبين أدمغة الناس العادية أو أي شيء مميز، لذلك قد يكون التوجه إلى دراسة وتشريح قلوبهم، والله أعلم.
منقول للمعرفة....
دمتم سالمين